أهم استراتيجيات تموضع العلامة التجارية، وكيف تختار الاستراتيجية الأنسب لعلامتك

استراتيجيات هامة تساعدك لبناء علامتك التجارية


كنا قد تحدثنا سابقاً في مجموعةٍ مقالاتٍ عن تموضع العلامة التجارية وأهميته ودوره في حجز مكانٍ لعلامتك في سوق المنافسة، كما ذكرنا أهم الاستراتيجيات المتبعة لمَوضَعة العلامة التجارية (رابط المقال الثاني) بالإضافة إلى كيفية اختبار وتصميم الاستراتيجية الأنسب لعلامتك (رابط المقال الثالث). لذا سيكون الجزء الأخير مخصصاً للحديث عن أهم الأعمال والعلامات التجارية وأكثرها نجاحاً والاستراتيجيات التي اتبعتها لبناء مكانةٍ لها في السوق وعقول العملاء، ومازالت تتبعها للمحافظة على تلك المكانة. لذا إليك أربع أمثلةٍ حيّةٍ عن تموضع العلامة التجارية.

شركة أمازون

تتبع أمازون بشكلٍ واضحٍ استراتيجية الاهتمام بالعميل. لا يتطلب الأمر أكثر من قراءة الوصف المكتوب في صحفة "من نحن" على موقعها الخاص لمعرفة طريقة تفكير الشركة وأن موضعها يتمحور حول أمرين أساسين هما راحة العميل، ورضاه.

تصنِّف أمازون نفسها واحدةً من أكثر الشركات في العالم تركيزاً على العملاء، وأنها تمتلك أفضل الموظفين وأكثر بيئات العمل أماناً، لذا لا عجب في توفيرها خدمة التوصيل في نفس اليوم، ولا غرابة في قدرتها على ذلك.

ووفقاً لمؤسس الشركة جيف بيزوس Jeff Bezos، فأهم ما يميز أمازون هو ضمان أفضل قيمةٍ للمستخدمين عن طريق استخدام مزيجٍ من استراتيجيات الراحة غير الاعتيادية، الوصول الفوري، والاختيار الشامل. تتبع الشركة أيضاً استراتيجيةٍ إضافيةٍ تجذب المزيد من العملاء وتغني تجربتهم وتزيد رضاهم، ألا وهي استراتيجية السعر المنخفض، التي وبالإضافة لمساهمتها بما سبق، تلعب دوراً أساسياً في إبعاد المنافسين عن السوق، فإذا كان هامش الربح المرتفع يدفع المنافسين إلى استثمار المزيد في عملية البحث والتطوير، يدفع هامش الربح الصغير المزيد من العملاء للشراء.

ولهذا، تكون شركة امازون تتبع استراتيجيا التموضع التالية: السعر المنخفض، الراحة غير الاعتيادية للعملاء، الوصول المباشر، والاختيار الشامل.

شركة تيسلا

حجز ايلون ماسك لشركة تيسلا موضعاً راسخاً في كلٍّ من السوق وأذهان العملاء مُنصباً إياها ليس فقط كواحدةٍ من أكثر مصنعي السيارات الكهربائية ابتكاراً، بل أيضاً الشركة القائدة لتغيير مستقبل صناعة السيارات عن طريق تغيير السيارات إلى منتجٍ صديقٍ للبيئة، وتحويلها من مجرد مركبةٍ فخمةٍ تسير على الطرقات إلى منتج تكنولوجيٍ مثله مثل الهواتف الذكية مع اختلافٍ بسيط، ألا وهو العجلات الأربع.

بقيت تيسلا وفيّةً وصادقةً لبيان علامتها التجارية "السيارة الأنيقة الوحيدة القادرة على الانتقال من 0 إلى 100كم خلال 3 ثواني وبدون قطرة وقود واحدة." فهي ليست سيارةً كهربائيةً عاديةً تتمتع ببعض التقنيات الحديثة، بل منتجاً تكنولوجياً فخماً وأنيقاً يرضي محبي السيارات ومحبي التكنولوجيا بالإضافة إلى محبي البيئة.

علاوةً على ذلك، استغلت تيسلا نتائج اختبارات السلامة التي حصلت عليها سياراتها لتموضع نفسها كأكثر السيارات أماناً وكفاءةً في السوق، وهذا ما يمكن ملاحظته مباشرة عند قراءة صفحة "حول تيسلا" على موقعها الخاص "من خلال الجمع بين السلامة والأداء والكفاءة، غير الطراز S توقعات العالم حول سيارة القرن الحادي والعشرين".

تتبع Tesla نهجاً مشابهاََ لـ امازون لموضعة علامتها التجارية، فهي تعمل على تحسين تقنياتها وقيمها المبتكرة لبناء المستقبل، ويحاولان كلاهما القول إنهما جسرٌ لشيء أفضل، وأنت بحاجة للانضمام إليهما.

شركة ماكدونالدز

على عكس شركتي أمازون وتسيلا التي تعتبران حديثتي العهد نسبياً، لماكدونالدز باعٌ طويلٌ في موضعة علامتها التجارية في السوق العالمية. تعتمد الشركة على أربع ركائز أساسية لتتمكن من تنصيب نفسها الأولى في صناعة المأكولات السريعة، وهي الجودة، والخدمة، النظافة والسرعة.

ارتكزت ماكدونالدز على تلك العوامل لتعزيز فكرة "القيمة المقدمة للعميل" بدلاً من الوقوع في فخ محاولة تمييز نفسها عن منافسيها، فقد أدرك المؤسسون منذ عام 1955 أن مجرّد السرعة في تقديم الوجبات ليس كافياً لحجز مكان مناسبٍ لهم في السوق، فحللوا السوق ودرسوا عملاءهم ونقاط ضعف وقوة منافسيهم ليتبعوا بعدها استراتيجية تموضع كانت السبب في بناء امبراطوريتهم الحالية.

 شركة آبل

للعام الثامن على التوالي، تحتل آبل المركز الأول ضمن قائمة Forbes السنوية للشركات الأكثر ربحاً. وعلى الرغم من كون ذلك مدهشٌ فعلاً، إلا أنه ليس مفاجئاً أبداً، فعلى الرغم من أن بعض هواتفها الذكية تكلف أكثر من سعر لابتوب احترافي، إلا أن عملاءها مستعدون لدفع تلك المبالغ لقاء منتجاتها بصدرٍ رحب.

تعتبر آبل التجسيد المثالي للعلامة التجارية القوية، حيث تهدف الشركة وفقاً لبيانها إلى "تقديم أفضل تجربة استخدامٍ لعملائها عن طريق الخدمات، والعتاد المادي والبرمجي المبتكر". ومع أسعار منتجاتها المرتفعة وتقنياتها المتطورة والتجربة المتقدمة التي تضمنها لعملائها، لا يمكن اعتبارها كغيرها من الشركات التي تحاول تقديم أسعارٍ أقل من منافسيها أو تحاول التعاون من الجميع، بل تقنع عملائها أن منتجاتها تضفي عليهم طابعاً ابداعياً وابتكارياً، إذ ما عليهم سوا شراءها واستخدامها.

 

كانت تلك عينة صغيرةً من أكثر الشركات إبداعاً وجنياً للأرباح وأكبرها حصةً في سوق المنافسة، وإن كان هنالك درساً يمكننا استخلاصه من تجربة هذه الشركات هي أن كونك مختلفاً عن المنافسين ليس كافياً، بل يتوجب عليك تبني استراتيجيةً تضيف قيمةً جديدةً ليس فقط للعملاء، بل للسوق أيضاً.