إن كنت صاحب عملٍ وتعتقد أنك تستطيع تلبية احتياجات جميع المستخدمين على اختلاف شرائحهم وفئاتهم، فيؤسفني إخبارك بأنه عليك إعادة التفكير مجدداً، إذ أن استهداف السوق يتطلب تقسيمه أولاً إلى شرائح (رابط مقال: تقسيم السوق، أنواعه، وكيفية الاستفادة منه) وفق عوامل محددة، ثم تحديد شريحة السوق المناسبة لعلامتك التجارية، (رابط مقال: كيف تحدد شريحة السوق المناسبة لعلامتك التجارية) لتقوم بعدها بدراسة الشرائح المتاحة واختيار واحدةٍ أو أكثر منها، فأنت ليس بحاجةٍ إلا للعملاء الذين يبدون اهتماماً بشراء منتجاتك أو خدماتك.
ما هو استهداف السوق
استهداف السوق هو الخطوة الثانية في نموذج STP التسويقي (رابط مقال نموذج STP)، إذ تسبقه عملية تقسيم السوق إلى شرائح مختلفة. يتألف السوق مهما كان نوعه أو مجاله من خليطٍ من العملاء غير المتشابهين بالرغبات والحاجات، وبالتالي فيكاد يكون من المستحيل -بل يستحيل فعلاً- إرضاء جميع العملاء في ذات الوقت وباستخدام خطةٍ تسويقيةٍ واحدة.
لهذا السبب، تلجأ الأعمال إلى تقسيم ذلك الخليط تبعاً للعمر أو الجنس أو الدخل أو التعليم أو نمط الحياة أو الحالة الاجتماعية أو التفضيلات أو أنماط الاستخدام وغيرها الكثير من المعايير والعوامل المؤثرة. تقوم الشركة بعدها بتحليل وتقييم جميع القطاعات المتاحة واختيار الشريحة التي تحقق أكبر نسبة توافقٍ بين احتياجاتها ورغباتها مع ما تقدمه الشركة وعروضها، إذ يمكن ذلك الشركة من توفير أكبر قدرٍ من رضا العملاء المستهدفين وبالتالي زيادة المبيعات والارباح.
كيفية اختيار السوق المستهدفة
قبل اختيار السوق المستهدفة، يتوجب على المسوق تقييم وتحليل كل قسمٍ من أقسام السوق بدقة وحذر، ومن ثم تقرير أي الشرائح سيستهدف وما هو عددها ليضمن زياد فرصته في الاستحواذ على القسم الأكبر من السوق. ولاختيارٍ أكثر دقة للشريحة أو الشرائح المتاحة، سيحتاج المسوق إلى تقسيم السوق بأكمله وجمع البيانات المطلوبة، تقييمها وتحليلها، ليختار الأنسب في نهاية المطاف. يمكنك استخدام الأدوات التالية لمساعدتك في تقييم واختيار السوق المستهدفة:
حجم ونسبة نمو السوق
يجب أن تتمتع السوق المستهدفة بالحجم المناسب، إذ يجب أن تكون كبيرة بشكل كافٍ لتكون مربحة، لكن ليست أكبر من قدرة الشركة على التعامل معه. تميل الشركات إلى استهداف الشرائح ذات الحجم التي تقدر على أدارته، إذ تميل الشركات الكبيرة إلى تفضيل الشرائح الأكبر حجماً، أما الصغيرة فتفضل الشرائح الأصغر.
وبشكل مشابه، يجب أن تتمتع السوق أيضاً بمميزات النمو. بمعنى آخر، يجب أن تتمتع بحجم مبيعاتٍ وأرباحٍ مستمر ومتصاعد وقادرٍ على تحقيق المزيد من الأرباح للشركة على مر الوقت.
أهداف الشركة ومواردها
لإدارة شريحة السوق بشكل صحيح وإدارة السوق بنجاح، يجب أن تكون شريحة السوق قادرةً على تحقيق هدف الشركة المنشود. وبالمثل، يجب أن تمتلك الشركة الموارد المالية والبشرية الكافية لذلك. إذاً لا يكفي أن تتمتع الشريحة بالحجم ومعدل النمو المناسبين، حيث أنه من الممكن ألا تلبي الشريحة أهداف الشركة طويلة الأمد على الرغم من توافر الشروط السابقة فيها.
أهمية استهداف السوق
تمكّن خطة الاستهداف المُحكمة العمل من فهم عملائه بشكلٍ أفضل ومعرفة رغباتهم واحتياجاتهم، كما تساهم أيضاً في تقليل نفقات التسويق المبالغ فيه. لا تقتصر فوائد استهداف السوق على ذلك فقط، وفيما يلي مجموعة من الميزات الأخرى له:
بناء ولاء العميل
يمكّنك استهداف السوق من شخصنة منهجك وطريقتك التسويقية وتوجيهه لعملائك الصحيحين مباشرةً، فمن لا يرغب بالإحساس بأنه عميلٌ مميز؟ تستطيع بهذه الطريقة توجيه الإعلانات والحملات الترويجية التي تلبي احتياجات العملاء المنتمين إلى شريحةٍ محددةٍ من السوق، ما يدفعهم إلى الشعور بالتقدير ويمنحهم تجربةً غنيةً وتفاعلية مع علامتك التجارية.
إعلانات أكثر فاعلية
يساعدك استهداف السوق وإلى جانبك فريق التسويق الخاص بالشركة على إعداد حملاتٍ تسويقيةٍ أكثر فعالية، إذ تمكنهم من تصميم رسائل تلائم عملائك وتروق لهم وتقنعهم بشراء منتجاتك. تساعدك أيضاً على تحديد القنوات التي يتواجد عليها الجزء الأكبر من العملاء. فعلى سبيل المثال، لو كانت سوقك المستهدفة تتألف من المراهقين والشباب اليافعين، فمن الأنسب مخاطبتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي عوضاً عن الإعلانات الطرقية التقليدية.
زيادة الأرباح
على الرغم من التكاليف المالية والزمنية التي تفرضها عملية البحث التي تجريها الشركات في البداية لمعرفة السوق المستهدف، إلا أن النتائج غالباً ما تكون مضاهيةً للتكاليف، فالعلامات التجارية أو الشركات التي تروق للجماهير تكون أكثر كفاءة في التواصل مع عملائها الحاليين وأيضاً في جذب عملاء جدد. وبالإضافة إلى زيادة المبيعات، فإن عملية أمثَلَة الحملات الإعلانية تساعد الشركات في تقليل التكاليف وزيادة المبيعات الكلية.
إذاً، استخدام استهداف السوق لمعرفة الجماهير التي ترغب بتحويلهم إلى عملاء دائمين خطوةٌ حاسمةٌ في تحقيق مساعيك التسويقية، فهي خطةٌ مضمونة لضمان حصولك على نسبة تحويلٍ أكبر، تقوية علامتك التجارية، وبناء علاقة وطيدة بينك وبين عملائك.