الوجه الآخر للمؤثرين، ووقعهم السلبي على المجتمع

    تناولت في المقالين السابقين أهمية المؤثرين ودورهم الإيجابي في التسويق والترويج للأعمال والعلامات التجارية وكيفية اختيار المؤثر المناسب لتحقيق أكبر استفادةٍ من حملتك التسويقية. لكن دور المؤثرين لا يقتصر على إقناع المتابعين بشراء منتجاتك، بل قد يمتد ليؤثر على أفكارهم وحياتهم الشخصية أيضًا. فهل حقًا يعتبر المُؤثرون مصدر إلهام لنا؟ أم أن وَقعهم السلبي على حياتنا أكبر بكثير مما تخيلناه يومًا؟ ستجد الإجابة عن هذه الأسئلة في مقالنا هذا.

ثقتك بالمُؤثرين لم تأت من فراغ

    لست الوحيد الذي تأثر بهم! فقد استطاع المؤثرون حشد الكثير من المتابعين واكتساب ثقتهم أيضًا. حيث يتعمد أغلبهم إظهار الجانب المثالي فقط من حياتهم ما يمنح مُتابعيهم شعورًا داخليًا بقرب المؤثرين منهم ويحولهم مباشرةً إلى أبطال خارقين أو أشخاصًا محظوظين يحظون بحياةٍ مثاليةٍ يحلم بها الجميع.

تظهر الدراسات أن المستخدمين يقضون ما يقارب 145 دقيقةيومًيا في تصفح مواقع التواصل المختلفة -قد تختلف هذه المدة من بلدٍ إلى آخر- مما يجعل منهم أشباهًا للمنومين مغناطيسيًا يقعون بسهولةٍ ضحيةً لكل ما يروه على تلك المواقع.

التأثير السلبي للمؤثرين على الأفراد

     على الرغم من الحياة المغرية التي يحاول المُؤثرون –على اختلافهم- إظهارها لنا؛ والتي قد يكون لها دورٌ في حثّ البعض على تطوير أنفسهم وتحسين حياتهم، إلا أننا نتجاهل -كما ذكرت سابقًا- أنهم يظهرون الجوانب التي يريدون أن يراها العالم فقط من حياتهم.

     وتشير الدراسات إلى أن التعرض لمثل هذه الصور المثالية التي ينشرها المؤثرون قد يغذي المقارنات الاجتماعية السلبية التي تجعل مُتابعيهم يشعرون بالسوء تجاه أنفسهم ما يولد شعورًا بالفشل ويزيد احتمال الاستسلام لعدم قدرتهم على تحقيق الأحلام التي يسعون لها. وقد ربطت الدراسة هذا الشعور ببعض أعراض الاكتئاب وعدم الرضا الداخلي عن الشكل واضطرابات الطعام، في حين وجدت دراسات أخرى أن هذا التأثير نسبي من شخص لآخر.

بعض الإحصائيات حول التأثير السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي:
- ازدادت نسبة الاكتئاب بين البالغين (18-25) عامًا بنسبة 63% بين عامي 2009-2015.
- ازدياد الأفكار الانتحارية بين الشباب والبالغين بنسبة 48% بين عامي 2008-2017.

     وبالرغم من أن تلك الإحصائيات تتمحور حول مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن للمؤثرين دورٌ فيها دون شك طالما أن جزء كبير من محتوى مواقع التواصل الاجتماعي هو من صنع المؤثرين -كونهم صُناع محتوى.

    وفي الجانب الآخر، لا يمكن حصر ذلك التأثير بالأفراد فقط، بل تأثيرهم المجتمعي بنفس القدر من الخطورة. فبسبب ثقة المتابعين الكبيرة بهم، بات من السهل عليهم التأثير على أفكار المجتمع سواء بطريقةٍ سلبية أم إيجابية، فبمجرد أن يطرح أحدهم فكرة سواء أكانت مقنعة أم لا، صحيحةً أم مغلوطة، فهو قادر على جر الآلاف خلفها لتمثل "تريند" يتبعه الكثيرون بشكل أعمى حتى لو كانت مسيئةً للمجتمعات الأخرى أو مختلفةً عن ثقافة المجتمع ذاته . 

الجانب السلبي لاستخدام المؤثرين في التسويق 

    تلجأ العديد من الشركات للمؤثرين للترويج لمنتجاتها وخلق حملة تسويقية ناجحة (كيف تختار المؤثر المناسب للترويج لعالمتك التجارية وبالرغم من أن هذه الطريقة تعتبر هذا من أنجح خطوات الحملات الدعائية الترويجية، إلا أن اختيار المؤثر المناسب ليس بالأمر السهل، فقد يصاحب هذا الاختيار العديد من المخاطر التي قد تنعكس سلبًا على العلامة التجارية نتيجة خطأ صغير يقوم به المؤثر، أو سلوكٍ أو رأيٍ مسيء يؤثر عكسيًا على العلامة التجارية.

    ولكن الحالات الأسوأ تحدث في حال تورط هذا المؤثر بفضيحة ما، فيبدأ المتابعون بحملات المقاطعة ليس فقط له، بل لجميع المنتجات التي يروج لها. وتوجد العديد من الحالات التي دفعت الشركات ثمن اختيارها للمؤثر فشلًا في حملاتها.