في عالم الأعمال، مجرد اختلافك عن منافسيك ليس كافياً لتخرج منتصراً من حلبة المنافسة، فالأمر يتطلب أكثر من مجرد كونك لا تشبههم، كفعل شيء غير اعتياديٍّ وغير مسبوقٍ للفوز بالحصة الأكبر من سوق المنافسة ومَوضعةِ علامتك التجارية في مكانٍ هامٍ فيه. بمعنى آخر، إن كنت تسعى لتمييز نفسك عن الآخرين، فأنت منافسٌ فقط، أما عندما تخبر الجماهير عما يجعلك جديراً بالملاحظة، فأنت تُموضِعُ علامتك التجارية ليس فقط في السوق، بل في عقولها أيضاً.
أنواع تموضع العلامة التجارية
قد يكون اختيار استراتيجية تموضع علامتك التجارية مهمةً طويلةً ومرهقة، لكن فهمك لطريقة “Three Cs” يمكن أن تساعدك على اختيار نوع الاستراتيجية الأنسب لعلامتك.
العملاء Costumers
يجب أن ينصبّ تركيز علامتك التجارية على إشباع حاجات ورغبات عملاءك، وكلما ازداد فهم العلامة التجارية لحاجات ورغبات عملائها، كلما زادت فرصتها في تجاوز منافسيها.
المنافسين Competitors
يزاحمك المنافسون على تمييز علامتهم التجارية عن علامتك الخاصة محاولين سرقة عملائك وحصتك من السوق. لذا فإن صياغة استراتيجيتك بشكل أفضل لا يمنحك فقط فرصةً أكبر في الاحتفاظ بحصتك، بل وزيادتها أيضاً.
شركتك Company
يجب أن يكون هدف العلامة التجارية الأسمى هو الحفاظ على أصالتها وموثوقيتها، فالعلامة الأصيلة الصادقة مع عملاءها لها فرصة أكبر في ترك انطباعٍ إيجابي قوي في عقول عملائها.
أنواع استراتيجيات تموضع العلامة التجارية
ستصطدم عند محاولتك اختيار الاستراتيجية الأنسب بعدة أنواعٍ للاختيار فيما بينها، وقد تحتاج في أغلب الأحيان إلى دمج عدة استراتيجياتٍ ومكاملتهم لتحقيق هدفك في تسليط الضوء على أهم نقاط قوة منتجك. فيما يلي أهم الاستراتيجيات التي يمكنك استخدامها لهذا الغرض:
الاستراتيجية القائمة على خدمة العملاء
من المرجح أنك قد فضلت مطعماً أو منتجاً أو حتى محلاً عادياً على آخر بناءً على تجربتك الجيدة التي حصلت عليها من خدمة العملاء أو بناءً على لطافة ولباقة العُمال. تستغل الكثير من الشركات والعلامات هذا الجانب لحفر تجربةٍ جيدةٍ مع منتجها أو خدماتها في أذهان عملاءها، خصوصاً تلك التي تتواجد في أسواقٍ لا مباليةٍ في تجربة العملاء أو في تقديم خدمات الدعم لهم.
تستغل الكثير من العلامات التجارية -كـ Apple مثلاً- التي تقدم خدمة عملاءٍ مميزة نقطة القوة هذه لتبرير السعر المرتفع لمنتجاتها.لذا فخدمة العملاء الجيدة لا تلعب دوراً هاماً في زيادة رضا العملاء الأولياء فقط، بل أيضاً وتحويل العملاء الغاضبين إلى مؤيدين.
الاستراتيجية القائمة على التسعير
تتبع الشركات هذه الاستراتيجية لعرض منتجاتها أو خدماتها كأكثر الخيارات ميسورة التكلفة، فعدد الأشخاص الذين يفضلون شراء منتجٍ أو خدمةٍ ما دون أن يشكل ذلك عبأً على محفظتهم لا يستهان به. لذا فعندما تُمَوضِع منتجك كأكثر الخيارات توفيراً وأيسرها تكلفةً ستحصد قاعدة عملاءٍ كبيرة وتكون قد ضمنت طريقةً مباشرة لجذب العملاء ودفع العملاء المحتملين لتحويل.
الاستراتيجية القائمة على الجودة
تعد هذه الاستراتيجية معاكسةً تماماً للاستراتيجية السابقة القائمة على التسعير. تتبع الشركات عادةً هذه الاستراتيجية عندما ترغب بالتشديد على جودة منتجاتها بشكلٍ أساسي والتي غالباً ما سيكون ناتجها هي منتجاتٌ أكثر تكلفة.
تفرض الجودة العاليةُ شروطاً خاصةً على عملية التصنيع. تستغل الشركات هذه الشروط لتسليط الضوء على فخامة منتجاتها وجودتها العالية، كعدد المنتجات المحدود ومواد التصنيع عالية الجودة وحتى الأعمال اليدوية التي تجعل الإنتاج أكثر تكلفة.
ستخسر عند اتباعك هذه الاستراتيجية العملاء ذوي الدخل المحدود أو الذين يبقون أعينهم على ميزانيتهم، وهنا يأتي دور دراسة شخصية العملاء التي تعتمد على شريحة عملائك المحتملين وعادات تسوقهم لمعرفة سواء أكانوا يفضلون الجودة المترافقة مع السعر المرتفع، أو العكس.
الاستراتيجية القائمة على المنفعة
تستخدم هذه الاستراتيجية لتسليط الضوء على الجوانب التي تجعل استخدام منتجك أو خدمتك أكثر راحة وفائدةً من المنتجات المنافسة. يمكنك التأكيد على منفعة منتجك بتسليط الضوء على سهولة استخدامه، أو مكان الحصول عليه (بالنسبة للخدمات)، وسهولة الوصول إليه، وأيضاً تصميمه المميز. تستخدم هذه الاستراتيجية أيضاً لتبرير السعر المرتفع للمنتج أو الخدمة التي تقدمها.
الاستراتيجية القائمة على مواقع التواصل الاجتماعي
تكمن أهمية هذه الاستراتيجية في قابلية استخدامها ومكاملتها مع أيٍّ من الاستراتيجيات الأخرى، وأيضاً من في منحك وصولاً لحظياً ومباشراً إلى قاعدةٍ كبيرة من العملاء الأولياء والمحتملين والقدرة على إيصال رسائل على كلا المستويين الشخصي والجماعي. الجزء الأهم من هذا الاستراتيجية هي عدم الحاجة لاستخدام جميع مواقع التواصل الاجتماعي الموجودة، بل يكفي اختيار أكثرهم استهدافاً للسوق الذي تعمل به واحتوائهم على القاعدة الأكبر من عملائك.
لعلّ أهمية اختيار استراتيجية تناسب علامتك التجاريةٍ أصبحت جليةً الآن، لكن على الأرجح، فطريقة إعدادها مازالت غامضةً بعض الشيء، لذا سيكون ذلك عنوان المقال القادم ضمن سلسلة المقالات حول تموضع العلامة التجارية.